نبذة عن الحلقة:
أسعى في الحلقة الثانية من بودكاست نور إلى ملامسة جانب مهم وحساس جدًا في رحلة تنشئة الطفل الفاقد للبصر.
تحدثت عن المشاعر والأحاسيس والمخاوف التي تراود الأهل عند تلقيهم خبر فقدان طفلهم للبصر، وكيفية التصرف والتعامل مع تلك المشاعر.
كما سردت المراحل الخمسة التي قد يمر بها الآباء والأمهات بعد تلقي الخبر وقدمت بعض النصائح المجربة لتخطي وتجاوز الصدمة وعبور مرحلة الحزن والأسى.
المقدمة
اسمي شيخة الجساسية – من عمان – عمياء منذ الولادة
في بودكاست “نور” أتحدث عن رعاية وتنشئة الطفل الفاقد للبصر
موضوع الحلقة الثانية:
تلقي الخبر وتجاوز الصدمة
عندما كبرت وبدأت أعرف أني عمياء أو ما تشوف كما يقول البعض، سمعت في أكثر من مرة والدي يحكون لبعض الأصدقاء والأقارب كيف عرفوا أني عمياء
تقول أمي “عندما كان عمر شيخة 3 أشهر، كنت ألاعبها ببعض الحركات فلاحظت أنها لا تستجيب لحركاتي ولا تضحك لها، أحسا بشيء غريب، ذهبا إلى الطبيب وسألاه وكانت المفاجأة والصدمة بالنسبة لأب وأم يرزقان بمولودهما الأول.”
أن كنت أو كنتِ رزقت بطفل وأخبرت أنه فاقد للبصر، فهذه الحلقة هي لكما.
كيف هو شعورك الآن بعد أن تلقيت الخبر؟ صدمة، حزن، ضيق، غضب، حيرة، تيهان، لا تعرف ماذا تفعل؟
قبل سنوات كثيرة مر والدي بنفس الظرف، ومر بها كثيرون غيرهم، ويمر بها الآن غيرك وسيمر بها غيركم أيضًا.
كيف يمكن للأب أو الأم ملاحظة علامات فقدان البصر لدى طفلهم الرضيع؟
قد يولد الطفل يعاني من ضعف النظر أو فاقد للبصر، وفي مثل هذه الحالات يصعب على الأم اكتشاف ذلك خصوصًا إذا كان أول مولود لها كما حدث مع والدي، والسبب في ذلك أنها لا تعرف متى يمكن للطفل أن يتابع الحركة أمامه ويتعرف على بيئته ويرى الألوان.ولذلك قد يتأخر ذهابها إلى الطبيب والكشف عن المشكلة.
في الحالات العادية يبدأ الرضيع في التركيز على الوجوه وتحريك العين نحو الآخرين من 4 إلى 5 أسابيع منذ الولادة، ويمكن أن يستغرق أطفال 8 أسابيع ليكونوا قادرين على الرؤية جيدًا.
ومن أبرز العلامات التي تكشف أن الطفل يرى هى الابتسام عند رؤية أشياء مفضلة لديه مثل الأم أو الألعاب، وفي حالة عدم حدوث هذه الأشياء فيجب على الأم مراقبة عين الطفل لاكتشاف ما إذا كان يعاني من ضعف البصر.
كما أن تحرك العينين بسرعة من جانب إلى آخر، وحدوث رعشة، بجانب عدم تفاعل العين مع الضوء الساطع، وعدم تتبع أعين الطفل لأي شخص أمامه، إضافة إلى عدم استقرار العين في مكانها الطبيعي وهو المنتصف بل تكون مائلة باتجاه الأنف، من أبرز العلامات التي تكشف ضعف البصر.
أوضح فيغلر، وهو عضو الرابطة الألمانية لأطباء الأطفال والمراهقين بمدينة كولونيا، أنه يمكن الاستدلال على إصابة الطفل بعيوب بصرية من خلال ظهور بعض الأعراض، مثل تجنب الضوء وزيادة معدل الرمش وتضييق حدقة العين بصورة متكررة، بالإضافة إلى اتخاذ وضعية رأس مائلة أو فقدان التواصل البصري مع الآخرين.
وأكد الطبيب أن من المفترض أن يتسنى للطفل الحفاظ على التواصل البصري مع أهله بصورة مستمرة عند بلوغه ثلاثة أشهر، مشيرا إلى أن الأطفال المبتسرين وكذلك الذين ينتمون لأسرة يُعاني أحد أفرادها من أمراض العيون يندرجون ضمن الفئة الأكثر عُرضة للإصابة بعيوب البصر.
كيف تتجاوز الحزن والأسى؟
إن الحزن والأسى ردة فعل طبيعية، فمن المرجح أن تمري أنت بمرحلة أو أكثر من مراحل الحزن والأسى. ماذا بإمكانك أن تفعلي؟ يمكنك القيام بأحد أمرين: إما أن تتحملي ما جرى وتأملي أن تنتهي آلامك مهما طال الأمر، أو بإمكانك اتباع بعض الخطوات العملية لمعالجة أفكارك وتأمل مشاعرك بطريقة أسرع قليلا حتى تسهل الأمور عليك … وعلى الجميع.
الحزن تجربة خاصة لكل شخص، ليس هناك صح أو خطأ، عش تجربتك، فكل ما تشعر به هو صادق وصحيح.وبعد تلقي الخبر، هناك عدة مراحل ستمرون بها كما يلي:
المرحلة الأولى: عدم التصديق
تقول إحدى الأمهات: “عندما أخبرني الطبيب بعد ولادتي بأن طفلي لا يرى، لم أصدقه، لم أفهم ما يقول، وقررت أن آخذ طفلي وأعرضه على أكثر من طبيب”.
أنت تدرك تماما ما قاله الطبيب وتفهمه جيدًا لكنك لا تريد تصديقه، ولكن بمجرد الخروج من عند الطبيب وتجلس مع نفسك قليلًا ستعرف أن ما قيل لك صحيح، وأن الطبيب نفسه لا يرغب بأن يخبرك بهذا التشخيص، ومن المؤكد أنه راجع التشخيص عدة مرات وتأكد جيدًا قبل أن يخبرك به، فهو لا يريد أن يكون مصدر لآلامك وأحزانك فهو يعرف تماما عواقب والتحديات التي سيواجهها أولياء الأمور عند تربية طفل كفيف.
بعد تلقي الخبر، من الأفضل أن تعود إلى البيت وتحاول استيعاب ما قيل لك وتفكر في الأسئلة التي تريد أن تطرحها على الطبيب في الزيارة القادمة.
لا يمكننا إنكار أنك ستعيش حالة من الانعزال والصدمة وقد تتحجر عواطفك ومشاعرك وقد تقرري عدم البوح بما قاله لك الطبيب، وفي ذلك سيشعر من حولك بالتغيير المفاجئ في شخصيتك وقد يزعجهم ذلك.
وكلما قصرت فترة إنكار الحقيقة، كل ما كان أفضل لطفلك ولك.
ومن الطبيعي في تلك الفترة أن تشعري بالقلق والتوتر، وتؤدي محاولة كتمان مشاعرك إلى اضطرابات في النوم وتعكر المزاج.
المرحلة الثانية: الغضب
سألت أمي يوما، هل شعرتم بالغضب؟ اعترفت، نعم، كنت غاضبة، لما أنا بالذات؟ ماذا حدث؟ واستغفر الله على كل ذلك الشعور.
في هذه المرحلة، ستبدأون في البحث عن سبب الإعاقة، وستبدأون إلقاء اللوم على أي شيء أو أي أحد، ستلومون أنفسكم، ستلومون منظومة الرعاية الصحية وتقصيرهم، تندم الأم على فعل بعض الأشياء أثناء الحمل.
قد تعتقدون أن الله يعاقبكما بهذا الابتلاء لأمر ما ارتكبتماه، أو قد يلمح لكم أحدهم بذلك، ولكن كل ما في الأمر، أن الله رزقكما بمولود من ذوي الاحتياجات الخاصة فقط.
معرفة السبب غالبًا لن تفيدكم في شيء، لن تساعدكما على التعايش وتربية الطفل.
فهل إذا عرفتم أنه وراثة من طرف أحدكما، هل ستستفيدا في شيء؟
لوم النفس لن يفيد في شيء، بل سيعزز شعورك بالذنب لفترة طويلة سيضر طفلك وجميع من حولك.
المرحلة الثالثة: المساومة
هنا ستجدان نفسكما تحاولان التخفيف من الأمر وعدم رؤية الأشياء على حقيقتها، ربما تقولان أن حالته بسيطة ويمكن علاجه بسهولة ونثق أنه سيتعافى، وبالتالي تفشلان في تقديم الرعاية اللازمة له في تلك المرحلة وتنتقان به من طبيب إلى آخر.
المرحلة الثالثة: الحزن والاكتئاب
ستشعران بالحزن العميق والاكتئاب إن صح التعبير، والرغبة في العزلة وعدم رؤية طفلك وقد لا تتقبلينه،
الحزن أمر طبيعي، وهو بداية التقبل.
وقفة ترويجية
الاشتراك وتقييم البودكاست على آيتونز
المرحلة الخامسة: القبول
ستتقبلان طفلكما كما هو وستبدأ مرحلة جديدة في حياتكما ستحتاج فيها العائلة كلها التأقلم والتعايش مع نمط حياة جديد نوعا ما، ستبدأين تشعرين بالحب والحنان تجاه طفلك، وتحاولين جاهدة تقبل الأعباء المتوقعة.
عبور مرحلة الحزن والأسى
في هذه المرحلة، يجب على الزوجان تفهم مشاعر بعضهما وتقديم الدعم الكافي لبعضهما، فقد يكون أحدهما أكثر تقبلا وتفاؤلا من الآخر، ولا يجب أن تؤدي ولادة طفل أعمى إلى الانفصال أو مشاكل زوجية، الاحتواء ضروري جدا في المرحلة الأولى من الحزن.
نعم العمى، وأقولها بكل صراحة، ليس أمرا سهلا، لكن امنحا نفسكما وقت كافيا لفهم الأمر وتقبله وعيش الحزن لكن ليس لفترة طويلة، كما يمكنكما إخبار من ترغبون بالأمر ليساعدكما ذلك على تقبل الأمر بشكل أكبر.
كونوا أقواء من أجل الأسرة كلها، من أجلكم وأجل طفلكما، وستجدان الأمور تتسهل شيئا فشيءا.
همسة للأم:
لا تكرسي وقتك كله فقط لرعايته والاهتمام به باعتباره طفل كفيف ويحتاجك على الدوام، لا بالعكس، أنت أيضا تحتاجين إلى الراحة والاهتمام بالنفس حتى تقدمي له ما يحتاج، لا بأس أن تتركيه لدى أختك أو أمك أو من تثقين به وتذهبي إلى التنزه أو شرب القهوة أو الاستمتاع بوقت جميل مع زوجك.
ستحتاجان للقراءة ومعرفة الكثير وربما التعرف على أولياء أمور لديهم تجربة في التعامل مع الطفل الكفيف.
يجب عليكما تثقيف وتهيئة أفراد الأسرة والعائلة على كيفية التعامل مع الطفل الكفيف فهناك الكثير مما يجهلونه.
الخاتمة
شكرا لاستماعكم، أتمنى أن تكونوا قد استفدتم من هذه الحلقة، يمكنكم مراسلتي عبر تويتر أو البريد الإلكتروني لإبداء آراءكم حول الحلقة أو لأية استفسارات.
إلى اللقاء في الحلقة القادمة.